حدود زينة المرأة في ضوء المُستجدات
د. شهرزاد مبعوج (عزوزة)
الملخص:
اهتمت هذه الدراسة ببيان حدود زينة المرأة المسلمة انطلاقا من الوقوف على أحكامها ومقاصدها، والتأصيل الشرعي لها، وأمام التفتح غير المضبوط على الغرب، وانتشار واسع لتصاميم الأزياء ومواد الزينة، وتنافسٍ من النساء على اقتنائها، فضلا على ذلك ما أفرزه التقدم الطبي في مجال الجراحة التجميلية وتوسيع العمليات فيها، وافتتان النساء والرجال بذلك، كشفت هذه الدراسة على الضوابط الشرعية للزينة سواء كانت ضوابط لباس المرأة المسلمة أو ضوابط ما يُتخذ للزينة في ضوء المستجدات، كما بينت على وجه العموم أحكاما متعلقة بالجراحة التجميلية التحسينية.
مقدمة:
من تمام اهتمام الشرع الحكيم بالمرأة شرع لها احكاما خاصة بها من باب التيسير عليها خاصة تلك الأحكام التي تتماشى وفطرتها، كاللباس والزينة، فقد فُطرت المرأة على حب التزين والتجمل، وجريا وراء نداء الفطرة تقع النساء في المحظور شرعا، فيفتحن بذلك بابا واسعا على المفاسد؛ لذلك ضبطت الشريعة الإسلامية زينة المرأة وصاغتها في جملة من الأحكام، فأطلقت لها العنان في جوانب، وقيدتها في جوانب أخرى بما يحقق المصالح لها وللمجتمع.
ومع التقدم العلمي الذي يزداد يوما بعد يوم ازدحم حجم ما نجهله من الأحكام، خاصة بعد التفتح غير المأمون على الغرب، وانتشار واسع لتصاميم الأزياء ومواد الزينة، ومع تنافس النساء في اقتنائها، وظهور فوضى في الفتاوى المتعلقة بزينة المرأة بين التشدد والتسيب اكتسى هذه المسألة نوع من الغموض، فضلا على ما افرزه لنا الجهد الطبي في مجال الجراحة التجميلية التحسينية، وتوسيع العمليات فيها ما جعل الناس يقبلون عليها من غير هدى مخالفين بذلك أحكام الشريعة، فيكونون موضع استغلال من بعض العيادات الطبية؛ لأن شدة الحاجة إلى الشيء مع نقص العله به تجعل صاحبها موضع استغلال.
في محاولة لرفع هذا الغموض وضبط هذه المسألة، تجدني أمام هذه الإشكالية: ماهي الضوابط الشرعية التي تضبط كل جديد متعلق بزينة المرأة المسلمة؟
للإجابة على ما طرحته الإشكالية جاءت هذه الدراسة بهدف:
- ضبط حدود زينة المرأة انطلاقا من التأصيل الشرعي لها، وبيان حكمها، والوقوف على مقاصدها.
- الوقوف على الضوابط الشرعية لهذه الزينة باعتبار المكان والزمان لضبط كل ما هو جديد.
وعليه، قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة:
أما المقدمة، فقد جاء فيها اشكالية البحث وأهداف الدراسة.
أما المبحثين: ركزت في الأول على أحكام زينة المرأة من خلال مفهوم الزينة وحكمها الشرعي، مع أدلتها التفصيلية، ومقاصدها التشريعية.
وفي المبحث الثاني، تناولت فيه ضوابط لباس المرأة باعتباره مظهر من مظاهر زينتها، ثم ضوابط ما يتخذ للزينة انطلاقا من واقعنا.
ضمنت الخاتمة النتائج التي وصلت إليها هذه الدراسة.
النتائج:
- الزينة هي كل ما يُتزين به، وتختلف على ذلك من عصر إلى عصر.
- دلّت الدراسة على أنّ الزينة مطلب شرعي استجابة للفطرة، وهي في حق النساء أَوْكَد وأحق، ومع ذلك هي مضبوطة بضوابط شرعية محافظة على عِفة النساء، وصيانة لأعراض الناس.
- ألزمت الشريعة الإسلامية المرأة المسلمة بلباس مضبوط بشروط معينة، لا تتغير بتغير الأزمان ولا الأحوال ولا الأشخاص ولا القصد.
- دلّت النصوص الشرعية على ضوابط لباس المرأة المسلمة من غير تنصيص على شكله أو لونه؛ إذ المرأة مخيّرة في ذلك.
- دلت الدراسة على أنّ وجه المرأة وكفيها ليسا بعورة، وهي في ذلك مخيّرة في سترهما، وبالمقابل أوجبت على الرجل غض البصر.
- دلت الدراسة على أنّ عورة المرأة أمام محارمها ديانة كامل جسدها عدا الأطراف المغسولة في الوضوء، مضاف إليها الرأس والرقبة وموضع القلادة، وذلك لما تقتضيه المروءة والحياء.
- رجحّت الدراسة غير مشهور المذهب المالكي في حدود زينة المرأة أمام النساء، وذلك محافظة على الحياء، وسدا لأبواب الفتن في ظل الواقع المعيش.
- ما يُتخذ للزينة مضبوط بشروط تحافظ على المقاصد التي جاءت الشريعة لحفظها، وفي آن واحد تستجيب لنداء فطرة الإنسان.
- العمليات التجميلية التحسينية من مستجدات العصر، والأصل فيها المنع إلاّ ما كان منها معْتبرًا شرعا بالنظر إلى دوافعه، أمّا ما كان دوافعه عبثية يبقى على أصل المنع.